لقاء الممثل الخاص للأمين العالم للأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتس مع راديو دبنقا

10 سبتمبر 2022

لقاء الممثل الخاص للأمين العالم للأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتس مع راديو دبنقا

لقاء الممثل الخاص للأمين العالم للأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتيس مع راديو دبنقا

المذيع حسين سعد: مرحبًا بكم في هذه الحلقة التي نستضيف فيها اليوم السيد فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام إلى السودان للحوار حول أهم الأحداث السياسية في الساحة السودانية ومن خلال المبادرات المطروحة، أهلا ومرحبًا بك سيد فولكر.

فولكر بيرتس: أهلاً بك سيد حسين.

حسين سعد: سيد فولكر دعنا في الأول نسأل، كيف تقرأ المشهد السياسي وما هي رؤيتكم للمبادرات العديدة المطروحة؟

فولكر بيرتس: المشهد السياسي معقد وأنت تعرفه أحسن مني، يعني كسودانيين عايشين في هذا البلد، ليس أول مرة يكون المشهد السياسي معقدًا جدًا، طبعًا كانت هناك صراعات واختلافات سياسية قبل انقلاب 25 أكتوبر السنة الماضية، ولكن المشاكل تفاقمت ما بعد الانقلاب، الأزمة السياسية صارت أكبر أو أعمق، فتأثر الوضع الاقتصادي والأمني والاجتماعي في تقريبًا كل أنحاء البلد.

طبعًا من شهر يوليو الماضي، المكون العسكري أو العساكر أعلنوا عن انسحابهم من المشهد السياسي، وبنفس الوقت انسحابهم من المحادثات مع المدنيين، طبعا نحن كبعثة يونيتامس وكآلية ثلاثية لم نكن سعداء بانسحاب المكون العسكري من المحادثات، لكن، في نفس الوقت علينا أن نعترف أن إعلان انسحاب العساكر من المشهد السياسي أطلق ديناميكية جديدة بين المدنيين. مثلما تفضلت سيد حسين، طُرٍحت عدة مبادرات لحوار أو حوارات بين قوى مدنية مختلفة. طبعًا أول مشهد أكيد ذي أهمية كبيرة هو الدعوة للاجتماع الواسع وشبه شامل تحت مظلة دار المحاميين، خاصة باليوم الأول كان هناك طيف واسع من القوى السياسية والاجتماعية موجودة. فالنقاش الجدي بدأ بين الأطراف، وكان هناك تواصل، للأسف انسحب البعض من هذا الحوار.

 وطبعًا رأينا مبادرات عديدة من عدة قوى سياسية مهمة، لذلك نحن حاليًا في مرحلة نشجع كل هذه المبادرات والأطراف أن يبدأوا حوار ما بينهم وألّا يرفضوا أن يجلسوا ويتحاوروا مع الأطراف الأخرى.

حسين سعد: نعم سيد فولكر، هناك تشكيك قوي جدًا في دور المبادرة الثلاثية، فيرى الناس المشكيين مشكلة في وجود الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيقاد، وبيقولوا أن هذا الوجود أضعف البعثة الأممية وشل حركتها، ويتهموا في هذا الجانب الإتحاد الأفريقي والإيقاد بأنهم انحازوا إلى العساكر، ما هو تعليقكم؟

فولكر بيرتس: أول شيء، لا توجد مبادرة ثلاثية، هناك آلية ثلاثية. فنحن ليس لدينا مبادرة، يعني لا مبادرات للسودانيين أو الاطراف المدنية السودانية.

أكيد هناك من يتهم الإتحاد الأفريقي، وهناك من يتهم يونيتامس. ولكن من يتهم الاتحاد الأفريقي من الأفضل أن يتحدث مع الإتحاد الأفريقي وليس معنا. الإتحاد الأفريقي والإيقاد هم شركاؤنا في هذه الآلية الثلاثية، ونعمل مع بعض من أجا هدف استراتيجي واحد وهو عودة السودان إلى وضع دستوري وإلى طريق انتقالي بقيادة مدنية نحو الديمقراطية. نتفق تمامًا مع إخوانا وأصدقائنا في الإتحاد الأفريقي والإيقاد على هذا الهدف. وإثباتًا لذلك، بعثة الإتحاد الأفريقي في السودان لها تفويض واضح جدًا من مجلس الأمن والسلم الأفريقي، نحن نعرف أن هذا المجلس علق عضوية السودان في الإتحاد الافريقي. إعادة السودان لحقوقه الكاملة في الإتحاد الأفريقي مرتبط بعودة السودان إلى طريق الانتقال بقيادة مدنية نحو الديمقراطية. ولذلك، بالتأكيد قد تتباين وجهات النظر بيننا حول هذه الخطوة أو تلك الخطوة، لكن نتفق على الأهداف الاستراتيجية ونتعاون مع بعضنا البعض بشكل جيد.

حسين سعد: أيضًا هناك اتهامات سيد فولكر تطالك أنت السيد رئيس البعثة بأنك منحاز لأحد الأطراف، ما هو رأيك؟

فولكر بيرتس: صحيح، هذه الاتهامات موجودة، السؤال الأخير الذي قمت بطرحه حول الاتهامات الموجهة ضد الإتحاد الأفريقي، نحن نواجه الاتهامات أيضًا. وهو أمر طبيعي يواجه كل وسيط أو ميسر. إلى حد ما، هو جزء من عملية الوساطة أو المفاوضات، حيث إن الأطراف التي تدخل في مفاوضات أـ لديها مصلحة في المفاوضات، يتخذون موقفًا هجوميا ويتهمون الوسيط أو الميسر بالانحياز إلى الطرف الثاني. هذا أمر طبيعي، وليست المرة الأولى التي نواجه ذلك في عملية تفاوضية أو عملية وساطة أو تسهيل، الأطراف التي تتهم الوسيط أو الميسر بالانحياز للطرف الثاني لديهم هدف أو مصلحة في جلب (تقريب) الوسيط إليهم، ولا نلوم أحدًا على هذه الاتهامات.  

ولكن بالواقع (هذه الاتهامات) ليست صحيحة. صحيح أننا لسنا محايدين بقيم الأمم المتحدة، بحقوق الإنسان، بالسلام، والتنمية المستدامة التي ترتبط بشكل كبير بحقوق الإنسان وفيما يتعلق بالتزامنا بدولة القانون وحكم القانون وإلى آخره، نحن لسنا محايدين فيما يتعلق بهذه القيم وبما يتعلق بتفويضنا من مجلس الأمن في دعم الانتقال السياسي نحو الديمقراطية بقيادة مدنية، ليس لنا أن نكون محايدين في هذا الصدد. لكننا لسنا منحازين لحزب معين أو طرف معين، كل هذه الأطراف المدنية لديها شرعية ويجب أن تلعب دورًا. فليس هناك انحياز لحزب معين، أو شخص معين. يمكن أنه في أشخاص أعرفهم بصورة أكثر بحكم عملهم في الحكومة السابقة وعملنا معهم كونهم وزراء، كما كنا نعرف من كانوا خارج الحكم في ذلك الوقت ونحترمهم بنفس الدرجة.

حسين سعد: كيف تنظر للعلاقة بينكم وبين المكون العسكري بعد الانقلاب، كيف تبدو هذه العلاقة؟

فولكر بيرتس: قبل الانقلاب وبعد الانقلاب لدينا بالطبع علاقة بالمكون العسكري. قبل الانقلاب، كان المكون العسكري جزءً من الشراكة، وكان لدينا علاقات طبيعية مع رئيس الوزراء ومجلس السيادة.

 في فترة معينة بعد اعتقال رئيس مجلس الوزراء كنا نحاول أن نتوسط إلى حد ما بين رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء، وزرنا رئيس الوزراء بمحبسه. ولكن بعد استقالة رئيس الوزراء، لم يبق من السلطة أو الحكومة إلا المكون العسكري الذي يشرف، ليس على حكومة كاملة أو فعالة، ولكن على وزراء مكلفين أو وزراء دون انتداب كامل. لذلك طبيعي أننا كبعثة أمم متحدة لدينا علاقات دائمة مع السلطة في أي بلد بما في ذلك المكون العسكري هنا. لذلك التقينا بالمكون العسكري ورئيس مجلس السيادة أكثر مما التقينا بهم قبل 25 أكتوبر، لأنهم السلطة الفعالة أو الفاعلة في هذا البلد، ودون إجراء مناقشات معهم لا يمكن أن نحصل على أي تقدم، لأنهم يملكون السلطة وهم من يقررون حاليًا الخطوات السياسية والاقتصادية والإجتماعية في هذا البلد. وإذا أردنا أن نصنع تأثيرًا في البلد أو أردنا خدمة البلد لابد أن نتحدث أو نتعاون مع سلطات الأمر الواقع.

حسين سعد: السيد فولكر، المواطنون خارج الخرطوم يتهمون أيضًا البعثة بأنها بعثة مركزية خاصة بالخرطوم ولا تهتم بمشاكلهم وقضاياهم، ما هو ردك على اتهام المواطنين في الولايات؟

فولكر بيرتس: نحترم هذه الانتقادات، وصحيح لا يمكننا أن نكون موجودين بنفس الدرجة وعدد الأشخاص كما هو موجود في العاصمة. ولكن لدينا مكاتب في دارفور وكردفان وفي هذا العام افتتحنا مكتبًا في بورتسودان، وسنفتتح المزيد من المكاتب. أعداد أفراد البعثة محدود جدًا، حيث لا يوجد حاليًا سوى 220 شخص تقريبًا على الأرض هنا في السودان. وأنا أعلم خاصة بدارفور أن الناس تعودوا على بعثة أممية كبيرة جدًا، وبعثة يوناميد كانت موجودة، في آخر عام لوجودهم بأكثر من 10 آلاف شخص.  ونحن لا نملك هذا العدد. لكن نحن موجودون ونتعاون مع السلطات المحلية ومع المجتمع المدني ومع الشباب في كل من دارفور وجنوب كردفان وفي الشرق، كنت أتمنى أن تكون البعثة أكبر وبقدرة إنسانية أكبر. ولكننا بعثة صغيرة جدًا بمهام كبيرة. لقد كان تمويل بعثة يوناميد حتى 2020 يقدر بمليار و200 ألف دولار سنويًا. في حين أن يونيتامس بدأت عام 2021 بتمويل يقدر بـ 30 مليون دولار. ويوناميد كانت تملك أكثر من 10 آلاف شرطي أو عسكري، أما يونيتامس يعمل بها 21 شرطيًا فقط، يعملون على تدريب الشرطة السودانية في مجال حقوق الإنسان.

حسين سعد: في نفس الولايات سيد فولكر، ما هي رؤيتك للصراعات القبلية الدامية التي حصلت في عدد من الولايات؟

فولكر بيرتس: أولاً، الصراعات القبلية ليست دومًا قبلية حسب ما أفهم، يوجد عنصر قبلي في الصراعات وبالتأكيد توجد خلافات واختلافات قبلية، ولكن يبدو لي أن كثيرًا من هذه الصراعات، قد أكون مخطئًا، ويمكنك تصحيحي إذا كنت مخطئًا، لكن كثير من هذه الصراعات لها بعد أوسع من القبلية. بمعنى أن هناك صراع حول الأرض وتسييس لبعض هذه الصراعات. كما يوجد عنصر مهم حسب تقديري وهو غياب الدولة، لو كانت هناك دولة موجودة بخدمات أمنية وإجتماعية واقتصادية وصحية وتعليمية، أعتقد أنه كان من الممكن أن يؤثر إيجابيًا على حالة التعايش أو استعداد المواطنين أو القبائل للتعايش، ولكن في غياب الدولة وفي غياب الأمن وفي غياب التعليم والصحة للجميع، يلجأ الناس إلى القبائل أو العشائر وهذا يزيد التوتر الذي قد يكون موجودًا أصلاً بين الرعاة والمزارعين. وأنتم كسودانيين تعلمون جيدًا من خلال التاريخ أن هناك طرق للتعاطي مع خلافات الرعاة والمزارعين ولحل هذه الصراعات، لكن ذلك يحتاج إلى دولة فعالة ولسلطة ذات مصداقية.

حسين سعد: نعم سيد فولكر، السؤال القادم ليس بعيدًا عن السؤال السابق، وهو المظاهرات السلمية والتي ظلت على الدوام تواجه بعنف.

فولكر بيرتس: صحيح

حسين سعد: واستخدام الرصاص الحي وإصابة المتظاهرين بشكل متكرر، وكذلك الاعتقالات للثوار وتصاعد الانتهاكات لحقوق الإنسان مع غياب تام للتحقيق والمساءلة والعقاب، كيف تنظر البعثة لهذا الأمر؟

فولكر بيرتس: نحن منذ البداية في 25 أكتوبر وصاعدًا كنا نتابع هذه الأحداث وكنا ندين الاستخدام المفرط للقوة بما في ذلك استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين والمتظاهرات وضد المواكب، وكنا نطالب بإطلاق سراح المعتقلين. ونجحنا إلى حد ما، وأنا أقول إلى حد ما، وعندما تم إطلاق سراح المعتقلين جاءت اعتقالات جديدة وطلبنا من جديد إطلاق سراحهم. نتعاطى مع هذا الواقع، فمثلاً مجموعة حقوق الإنسان التابعة للبعثة، ومنظمة حقوق الإنسان يعملون بشكل يومي مع حالات الاعتقال على سبيل المثال، ويقومون بزيارة المعتقلين في السجون، وفي كل الإحاطات في مجلس الامن أو الإحاطة الدورية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، نطلع العالم والمجتمع الدولي عما يجري في هذا البلد. وفي نفس الوقت نطالب السلطات ونعمل معها ونحاول أن نقنعهم أن يقوموا بتغيير تصرفات العنف والاستخدام المفرط للقوة. وأقول هنا مرة أخرى إننا لا نملك سلطة تنفيذية، لكننا نشجع أحيانًا وندين ويمكن أن نثني، حتى أننا نعمل أحيانًا مع الشرطة في تدريب المدربين على التعامل الحضاري مع المواكب والمتظاهرين على سبيل المثال.

راديو دبنقا: ما زلتم المستمعون الكرام تتابعون الحوار الذي أجراه الزميل حسين سعد مع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بالسودان فولكر بيرتس في حوار خاص لراديو دبنقا وغدًا بمشيئة الله سنبث الجزء الثاني، متابعة شيقة وممتعة نتمناها لكم.

حسين سعد: سيد فولكر، نحن في راديو وتلفزيون دبنقا طرحنا عددًا من الأسئلة للقراء والمستمعين للراديو، خاصة أن لديها جمهورًا خاصًا، وتلقينا أكثر من 100 سؤال لك، وهذه الأسئلة من مجموعات في فيسبوك وواتساب وتويتر، ومجموعات خاصة بأبحاث دبنقا، وأيضًا في الرقم الخاص براديو وتلفزيون دبنقا. كما ذكرت، نحن تلقينا أكثر من 100 سؤال لكن نسبةً لضيق الوقت اخترنا منها عددًا من الأسئلة.

لدينا سؤال من المواطن حسن خليل محمد علي من منطقة أبو جبيهة بجنوب كردفان، يقول في سؤاله ماهي الخطوة القادمة للبعثة الأممية في حال عدم استجابة الحكومة السودانية للعودة للمسار الديمقراطي والحكم المدني في ظل التلويح بإجراء انتخابات مبكرة؟ وهل السودان جاهز لإجراء هذه الانتخابات؟ وما هو المطلوب لقيام الانتخابات؟

فولكر بيرتس: هذا سؤال ذكي لكنه سؤال افتراضي جدًا وأنا مبدئيًا لا أتعاطى مع افتراضات للمستقبل. لذلك لا يمكنني الإجابة على سؤال ماذا سأفعل أنا إذا ما حدث ذلك الشيء أو ذاك. لكن دعني أجيب بشكل مختلف وقد يكون المواطن غير راض عن هذه الإجابة، لكننا نعمل على حل توافقي يعود بالسودان إلى الطريق السليم للانتقال الديمقراطي بقيادة مدنية، وفي نهاية المرحلة الانتقالية التي قد تكون 18 أو 24 شهرًا أو 30 شهرًا بحسب ما يتفق عليه السودانيون، وفي نهاية هذه المرحلة الانتقالية يجب أن تكون هناك انتخابات سليمة ونزيهة. ونحن مستعدون كل الاستعداد لدعم عملية انتخابية والتحضير للانتخابات بما في ذلك تدريب المرشحين وخاصة المرشحات والمرشحين الشباب، لتعبر هذه الإنتخابات عن السودان اليوم وليس سودان الماضي. نحن نعلم أن 70% من السودانيين هم شباب، لذلك نركز كثيرًا على تدريب المرشحين والمرشحات الشباب.

حسين سعد: عكفت لجان المقاومة على توحيد المواثيق التي طرحت في الفترة الماضية، هل ستدعم البعثة توحيد لجان المقاومة؟

فولكر بيرتس: لا، نحن لن ندعم أي طرف، ولكن لدينا رؤية إيجابية جدًا لأي محاولة لتوحيد الصفوف بين المدنيين وحتى بين المدنيين والعسكريين. فإذا لجان المقاومة تتفق مع بعضها البعض على ميثاق واحد بدلاً من مواثيق متعددة، سنرحب بذلك. لكننا لا ندعم أي طرف في هذه المعادلة، ندعم المدنيين وندعم السودانيين والسودانيات بشكل عام لإيجاد التوافق بينهم وليس طرفًا واحدًا.

حسين سعد: ما هي الرسالة التي تحب أن توجهها للمواطنين في مناطق النزاع في دارفور والنيل الأزرق وشرق السودان، في مناطق السدود وخاصة أهلنا المتأثرين بالسيول والفيضانات الأخيرة؟

فولكر بيرتس: آمل من كل السودانيين والسودانيات خاصة الذين اشتغلوا بالسياسية ولديهم دور في المجتمع أنه حان الوقت لوضع مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية والفئوية والقبلية والحزبية والجهوية إلى آخره، البلد على حافة الانهيار اقتصاديًا وأمنيًا. ولو لم يتعاون الجميع لإنقاذ هذا البلد من الانهيار، فسنرى تطورات غير مقبولة أبدًا. لذلك أنادي الجميع للتعاون مع بعضهم البعض بغض النظر عن الخلافات ووجهات النظر والمصالح المختلفة للفئات والأحزاب.

وفيما يتعلق بالمواطنين خاصة في المناطق التي خرجت من الصراع أو المناطق المتأثرة جدًا بالكوارث الطبيعية، فأقول لهم إننا كأمم متحدة نستطيع قدر الإمكان أن نساعد وندعهم جهودهم، ولكن حتى إمكانيات الأمم المتحدة محدودة.

 

لقاء الممثل الخاص للأمين العالم للأمم المتحدة للسودان فولكر بيرتيس مع راديو دبنقا "الجزء الثاني"

 

أهلاً ومرحبًا بكم مستمعي راديو دبنقا في جولة السودان اليوم الخميس الموافق 8 سبتمبر من العام 2022، وفي حلقتنا لهذا اليوم نقدم لكم الجزء الثاني من لقاء رئيس بعثة اليونيتامس وممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس. وتناول اللقاء العديد من الموضوعات المتعددة والمتنوعة على الساحة السودانية بما فيها قضايا النازحين واللاجئين وقضايا التحول الديمقراطي وأيضًا ردوده على بعض الأسئلة التي طرحها راديو دبنقا للمستمعين عبر الوسائط المتعددة.

حسين سعد: دمج القوات وحل المليشيات ما حصل فيها تقدم، ما هو تصورك لحل هذه المعضلة؟

فولكر بيرتس: يعني مثل ما قلت ومثل ما أنت تفضلت، يعني التقدم في تطبيق البعد الأمني من اتفاقية جوبا صار فيه تأخير كبير، تأخير غير مقبول إلى حد ما. ما بدأنا فيه من جانبنا بعد مرسوم السيد رئيس مجلس السيادة هو تطبيق تأسيس لجنة أو لجان وقف إطلاق النار، ولكن هناك طبعًا خطوة ثانية يجب أن تتخذ وهي إنشاء أو تأسيس القوة المشتركة لحفظ السلم وحماية المواطنين أو حماية المدنيين. طبعًا نحن نعرف أنه تم تدريب ألفي شخص من التنظيمات المسلحة، شركاء السلام. وحتى الآن هذه العناصر التي تم حفل تخريجها في أول صيف هذه السنة، يجب أن يبنى على ذلك إنشاء أو تأسيس القوة المشتركة لحفظ السلم وحماية المواطنين أو حماية المدنيين. وحتى الآن هذه العناصر التي تم حفل تخريجها في أول صيف هذه السنة، لم يتم نشرهم إلى مواقع الصراع مثلاً. فنحن نعتقد أنه حان الوقت لاستخدام هذه القوة، ولكن هذا طبعًا يتطلب ذلك خطوات تالية حسب اتفاقية جوبا. فهذه القوة المشتركة تشمل قوة من شركاء السلام، وقوة نظامية. وحتى الآن نحن ساهمنا في تدريب هذه القوة في مجال حقوق الإنسان في القوانين الإنسانية الدولية، كأمم متحدة لا ندرب على السلاح ولا السيارات، ولكن في مجال حقوق الإنسان. فقدمنا تدريب لهم، ولكن حتى الآن، هناك تأخير في نزولهم إلى المواقع الضرورية.

حسين سعد: نعم، السيد فولكر، تترأس البعثة آلية وقف إطلاق النار لكن رغم ذلك ما زال القتل والتشريد مستمرًا في دارفور والبعثة تكتفي بالإدانة ونشر بيانات تدين هذا القتل. البعثة السابقة مثل ما قارنت سابقًا مع يوناميد كانت على الأقل تحقق وتحدد المسؤوليات والناس المسؤولين، فما هو دور البعثة فيما يتعلق بحماية المدنيين؟

فولكر بيرتس: البعثة السابقة كانت عندها تفويض بسلطات تنفيذية للرد، كانت عندها قوة لحفظ السلام، نحن ليس لدينا قوة لحفظ السلام، ولا نملك تفويضًا بأي سلطات تنفيذية. ليس لدينا سلطات، ولكن لدينا مهام لدعم الدولة في تطبيق الاتفاقيات التي أبرمت أو وافقت عليها، في تطبيق الإعلان الدستوري، وفي دعم الانتقال السياسي، وفي دعم حشد الموارد الاقتصادية. ولكن ليس لدينا مهام بسلطات تنفيذية، وهذا أمر هام يجب أن نفهمه. نحن لا نستطيع أن نقوم بأفعال سيادية تقع مسؤوليتها على الدولة، وحماية المواطنين وحماية المدنيين هي أصلاً مهمة أي دولة تحترم نفسها. يعني هذه هي مهمة الدولة، وإلا فلم توجد الدول؟ الدول ليست فقط للتعاطي بينهم في مجال العلاقات الدولية. أهم وظيفة للدولة هي حماية المواطنين وحماية المدنيين في هذه الدولة، ومن ذلك تنبثق مهام تانية مثل التعليم والصحة وإلى آخره، ولكن الدولة مهمتها حماية المدنيين، ولا يمكن أن تحل بعثة دولية محل الدولة.

 نحن كبعثة يونيتامس تفويضنا هو دعم الدولة في هذه المهام باستشارات ونصائح وتدريب إلى آخره. وأنت قلت إنه نحن أكثر من مرة نستخدم فقط أقوى سلاح عندنا، وهو الكلمة، عندما نتحدث وندين ونشجع ونثني ونقدم الإحاطات وإحاطات مجلس الأمن.

يعني هذا كله إذا أردنا أن نستخدم كلمة واحدة، هذا هو السلاح الوحيد، أقوى سلاح لدي هو كلمتي وصوتي في تقاريري وفي إحاطتي وفي إدانتي وتشجيعي إلى آخره.

طبعًا هناك الكثيرون ممن يقولون إن هذا ليس كافيًا. ولكن بالنهاية، الدول والمسؤولون في الدول يسمعون ما يقال في مجلس الأمن وما يناقش في مجلس الأمن. فأنا واثق أن كلمة الأمم المتحدة وكلمة المجتمع الدولي لها تأثير. في نفس الوقت نقوم بشيء، ولا نتحدث فقط، فنقوم برئاسة اللجنة الدائمة، نقوم بتدريبات لمدربين في الشرطة، نقوم بتدريب نساء المجتمع المدني. مستقبلاً عندما يأتي الوقت للتحضير للانتخابات، سنقوم أيضًا بتدريب للأحزاب والمرشحين والمرشحات، يعني سنقوم بأعمال فعالة على الأرض.

طبعًا نحن كبعثة يونيتامس لسنا وحدنا. في كل الوكالات للأمم المتحدة اليونسيف وال UNDP وبرنامج الغذاء العالمي، نحن نقدم خدمات حقيقة للمواطنين للمدنيين في هذا البلد. ولكن دعني أقول إن حتى ما ذكرت ربما لا يكون مرغوبًا فيه.

نحن كأمم متحدة لسنا هنا لنكون بديلاً للدولة أو لنقدم بديلاً للدولة. هناك دول في هذا الجزء من العالم تستند كثيرًا على الأمم المتحدة، وتقول إنه من الجيد أن تطعم الأمم المتحدة مواطنينا. ليس هذا هو هدفنا. في النهاية ما نريده هو أن نساعد السودانيين والسودانيات على تحقيق التنمية المستدامة ضمن مساعدات من وكالات الأمم المتحدة. ولكن حاليًا تقريبًا ثلث سكان السودان يحتاجون إلى مساعدات غذائية مثلاً. هذا ليس ضروريًا في بلد أصلاً غني بالأراض الزراعية. ولكن رغم ثراء السودان في المياه وفي الأراضي وفي الإنسان وفي الزراعة، رغم ذلك، ثلث المواطنين محتاجين إلى مساعدة. هذا شكل غير طبيعي، مستقبلاً، يجب أن تتم مراجعة هذا المشهد.

حسين سعد: السيد فولكر، العدالة هي واحدة من شعارات ثورة ديسمبر، لكن ملف العدالة الانتقالية لم يحدث فيه شيء جديد ولم تظهر نتائج التحقيق، ولم يتم تقديم أي أحد للمحاكمة ولا حتى المطلوبون دوليًا تم تسليمهم إلى لاهاي. كيف تنظر البعثة لهذا الملف المهم وما هو الدور المفروض تقوم به البعثة حسب تفويضها والمقترحات التي تقدمها في هذا الجانب؟

فولكر بيرتس: الدور التي قد نستطيع أن نلعبه واضح من تفويضنا من قرارات لمجلس الأمن لتفويض البعثة. سندعم أي عملية صادقة للعدالة الانتقالية، سندعم هذه العمليات باستشارات ونصائح بما يسمى بالدعم الفني أو المساعدات الفنية. بنفس الوقت طبعًا نتعاون مع المحكمة الجنائية في لاهاي، المحكمة ليست جزءً من الأمم المتحدة، ولكن في تعاون وثيق بينهم.

كما تعرف، المدعي العام جاء وزار السودان للمرة الثانية من أسبوعين تقريبًا وعقد اتصالات مكثفة مع السلطات حول التعاون مع المحكمة الجنائية في لاهاي. هو طلب مطالب ونحن ندعم مطالبه في التعاون الكامل، وطبعًا، علي كوشيب موجود هناك في لاهاي وهناك المتهمين الآخرين في الحبس هنا في السودان.

وأعتقد أن المدعي العام ناقش إمكانيات مختلفة لمحاكمتهم مع السلطات، ولكن هذا عليه أن يجاوب هو عليه. أنا أعتقد أن بجانب ما يجري أو ما سيجري مستقبلاً في لاهاي، السؤال الأهم هو العدالة الانتقالية لكل الحالات الأخرى.

ما نتحدث عنه هنا هو 4 أو 5 أشخاص فقط، إلا أن الحديث الأهم هو عن عملية ذات جذور اجتماعية وتعاون اجتماعي واسع للعدالة الانتقالية. فنحن كأمم متحدة نستطيع أن نساعد في جلب الأمثلة والتجارب من دول أخرى مرت خلال هذه التجربة، جنوب أفريقيا مثلاً مرت خلال عملية ناجحة جدًا في العدالة الانتقالية، رواندا أيضًا لديها تجربة في هذا المجال. حتى دول خارج أفريقيا مثل كولومبيا لديها تجربة غنية في العدالة الانتقالية.

أتمنى بعد نجاح العملية السياسية أو إيجاد حل سياسي إن شاء الله، أن يكون من أول مهام الحكومة الانتقالية الجديدة هو مسألة البت في عملية العدالة الانتقالية. وأكيد إذا تحقق اتفاق سياسي فنحن نعمل من أجل هذا الهدف. بالتأكيد هناك اتفاق على تأسيس مفوضية العدالة الانتقالية كأول مهام التشكيلة الجديدة بعد تأسيسها.

حسين سعد: المواطنون في دارفور ما زالوا نازحين هنالك في معسكراتهم وبالرغم من توقيع اتفاق سلام جوبا، هذا الاتفاق لم يحدث فيه شيء فيما يتعلق بعودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية وتعوضياتهم، وهذه كانت أهم النقاط الأساسية لتطبيق اتفاق جوبا، كل ما تم هو تسمية الممثلين أو أطراف اتفاق جوبا في وظائف بالدولة، كيف ترى البعثة ذلك؟

فولكر بيرتس: أنا أوافقك على ما قلته حول تطبيق اتفاقية جوبا ونحن نعتقد يجب أن تطبق، وتأخر تقريبا كل شيء في تطبيقه ما أدى إلى توظيف ناس في مواقع المسؤولية يعني كوزراء وولاة أو أعضاء مجلس سيادة. فهذا صحيح، نحن كنا منذ البداية منذ جئنا إلى هنا كبعثة كنا ننادي ونطالب بتطبيق اتفاقية جوبا بكل أبعادها وليس فقط البعد التوظيفي إذا صح التعبير.

فنحن نعمل من جانبنا بدرجة أولى على تطبيق الترتيبات الأمنية، فنعمل ونتعاون مع أطراف اتفاقية جوبا، ما يسمى بشركاء السلام والقوة النظامية، كنا نتعاون معهم وما زلنا نتعاون معهم، في تأسيس وتشغيل اللجنة الدائمة لوقف إطلاق النار في دارفور.

فهذه اللجنة مؤسسة تعمل على التحقيق في انتهاكات اتفاقية وقف إطلاق النار. هذه بداية لتطبيق البعد الأمني والترتيبات الأمنية في اتفاقية جوبا. هناك عناصر أخرى مهمة جدًا، فنحن عندما نتحدث عن عودة اللاجئين أو النازحين بالأحرى إلى قراهم، هذا يتطلب حسب فهمي لحل مسألة الأراضي والحواكير، هذا يتطلب إنشاء أو تأسيس مفوضية الأرض، مفوضية اللاجئين إلى آخره، مفوضية ال DDR أو التسريح ونزع السلاح في دارفور، ولكن نحن كبعثة طبعًا لا نستطيع أن نؤسس هكذا مفوضيات. هذا عمل سيادي على الدولة أن تقوم به، نستطيع أن نساعد هذه المؤسسات، ولكن لا نستطيع أن نؤسسها.

فيما يتعلق باللجنة الدائمة لوقف إطلاق النار، من سنة تقريبًا، في صيف السنة الماضية، رئيس مجلس السيادة أصدر بعض المراسيم لإنشاء هذه اللجنة واللجان الفرعية للجنة الدائمة لوقف إطلاق النار في دارفور. فحسب هذه المراسيم وحسب اتفاقية جوبا، اليونيتامس ترأس هذه اللجان.

حسين سعد: سيد فولكر، نحن في راديو وتلفزيون دبنقا طرحنا عددًا من الأسئلة للقراء والمستمعين للراديو، خاصة أن لديها جمهورًا خاصًا، تلقينا أكثر من 100 سؤال لك، وهذه الأسئلة من مجموعات في فيسبوك وواتساب وتويتر، ومجموعات خاصة بأبحاث دبنقا، وأيضا في الرقم الخاص براديو وتلفزيون دبنقا، كما ذكرت نحن تلقينا أكثر من 100 سؤال لكن نسبة لضيق الوقت اخترنا منها عددًا من الأسئلة.

لدينا سؤال من المواطن محمد عبد الغني سابل، هو يسأل: هل تتوقع في الأيام أو الشهور القادمة أنه يتم إيداع السودان تحت البند السابع؟

فولكر بيرتس: هذا سؤال آخر، أنا آسف، لا أستطيع الإجابة عليه إلا أن أشير لأن تفويض البعثة أو أي بعثة في السودان هو أمر عائد لمجلس الأمن. وأنا موظف لدى الأمم المتحدة أعمل بتفويض من مجلس الأمن. الدول الكبرى في مجلس الأمن لا تحب الممثل للأمين العام يقول لهم ماذا يقومون به. لا، هذا عمل خاص بمجلس الأمن، ومجلس الأمن يقرر التفويض، أو إعادة تفويض البعثة كما هي أو تغيير التفويض.

حسين سعد: نعم، لدينا السؤال الأخير يقول لماذا هذا الصمت المرعب لمفوضية حقوق الإنسان وهي الهيئة الأساسية التابعة للأمم المتحدة، من الانتهاكات المريعة التي تحدث في السودان، خاصة بعد الانقلاب بعد يوم 25 أكتوبر، وأيضًا أنها تقع تحت إدارتك باعتبارك الممثل الأول للأمين العام في السودان؟

فولكر بيرتس: أنا أختلف مع المواطن الذي سأل هذا السؤال، ليس هناك صمت من منظمة حقوق الإنسان أو البعثة أو القسم عندنا الذي يهتم بحقوق الإنسان، بالعكس. هناك إحاطات دائمة لمجلس الأمن. لا تخلو إحاطة أو تقرير للأمين العام للأمم المتحدة في مجلس الأمن من تذكير بمسألة حقوق الإنسان أو من الإشارة لانتهاكات ودون طلب لعلاج هذا الوضع والوقف عن انتهاك حقوق الإنسان.

منظمة حقوق الإنسان أو مفوضية حقوق الإنسان أخذت خطوة إضافية، وكلفت خبيرًا دوليًا وهو أداما ديانغ، كخبير دولي خاص للسودان وجاء مرتين وقدم تقريرة للجمعية العالمية لحقوق الإنسان في جنيف وسيأتي مرة أخرى وسيعطي إحاطته للمجتمع الدولي في جنيف. يعني ليس هناك مجال للحديث عن صمت. نحن نقوم بالتحقق ونقوم بإبلاغ المجتمع الدولي، ونحاول أيضًا أن نعمل على الأرض، مثلاً بزيارة السجون والسجناء. هذا أمر يحدث دون كثير من الضجة ولا نأخذ مصوري التلفزيون معنا عندما نقوم بذلك، ولو حاولنا أن نفعل ذلك، لن نستطيع أن نزورهم، ولكن هذا الأمر مستمر.