السودان "على شفا حرب أهلية شاملة"

14 يوليو 2023

السودان "على شفا حرب أهلية شاملة"



يخشى رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) من أن ما بدأ كخلاف بين جنرالين يقترب كثيرا من حرب أهلية واسعة النطاق. الممثل الخاص للأمين العام للسودان، فولكر بيرتس، قال خلال زيارة قام بها يوم 12 تموز/يوليو للعاصمة البلجيكية بروكسل إن استقرار أفريقيا على المحك.

منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 نيسان/أبريل 2023، استمرت الخسائر في الازدياد. وخلال مؤتمر صحفي عقده في مقر مركز الأمم المتحدة للإعلام في بروكسل بأنه "خلال ثلاثة أشهر، أصبح لدينا أكثر من مليوني نازح جديد في البلاد وأكثر من 700،000 شخص عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة".

وأضاف الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان ورئيس يونيتامس أن "السودان أصبح كارثة إنسانية مرة أخرى".

"انتهاكات حقوق الإنسان تبدأ من القتل والاغتصاب والنهب أينما كان القتال، وفي بعض الأحيان حيث لم يحدث القتال، إلى التطهير العرقي في ولاية غرب دارفور وعاصمتها الجنينة".

لسوء الحظ، لا يوجد حل سياسي في الأفق. عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو، جنرالان من المجلس العسكري اللذان وصلا إلى السلطة عبر انقلاب في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، لا يزالان مصممين على قتال بعضهما البعض.

 

لقد أطاحا بحكومة انتقالية مدنية (2019-2021) تشكلت بعد سقوط عمر البشير القائد الأعلى السابق للقوات المسلحة الذي رأس البلاد من 1989 إلى 2019. وانتهت فترة حكم البشير بعد أربعة أشهر من الاحتجاجات والمظاهرات ضد حكمه.

خطر اندلاع "حرب أهلية شاملة"

وأوضح فولكر بيرتس للصحفيين في بروكسل أن الدول الثماني الأعضاء في الهيئة الحكومية الأفريقية للتنمية (إيغاد) أعلنت مؤخرا أنها لا تعتقد أن أيا من الطرفين سيكون قادرا على الانتصار عسكريا. "وقف الأعمال العدائية سيسمح ببدء عملية سياسية. لم نصل إلى هناك بعد".

وصرح فولكر بيرتس للصحفيين بأن ما بدأ كخلاف بين جنرالين "على وشك التحول إلى صراع أيديولوجي عرقي، مما يجعله أقرب بكثير إلى حرب أهلية شاملة".

أثر مضاعف

سيكون لهذا السيناريو الأسوأ العديد من العواقب، قال بيرتس، موضحا أنه "بمجرد أن يتحول الصراع إلى حرب أهلية ذات جبهات متعددة وتتشرذم البلاد، يصبح إيقافه أكثر صعوبة مع تداعيات أكبر على المنطقة. كما أننا نرى خطر انجرار الدول المجاورة إلى الصراع".

والموقع الجغرافي الاستراتيجي للسودان يجعل مجريات الصراع الحالي أمرا ذا أهمية على استقرار أفريقيا. "السودان هو ثالث أكبر دولة في أفريقيا، ولن يكون تفتيته مجرد انهيار داخلي، بل سيكون انفجارا يؤثر على العديد من البلدان المجاورة، والعديد منها يعاني من مشاكله الخاصة مع المراحل الانتقالية".

 

لا يجوز أن يقف المجتمع الدولي مكتوف اليدين

خلال زيارته إلى بلجيكا التقى لممثل الخاص للأمين العام للسودان، فولكر بيرتس، بممثلين عن خدمة العمل الخارجي الأوروبي في الاتحاد الأوروبي واللجنة السياسية والأمنية التابعة للاتحاد الأوروبي – وهذه الاجتماعات سنوية يعقدها بيرتس منذ إنشاء البعثة الأممية يونيتامس في عام 2020.

 

"بينما لا نرى نهاية فورية للحرب الآن، فإن الرسالة الموجهة للأوروبيين وغيرهم هي أنه بالطبع، لا ينبغي للمجتمع الدولي أن يقف مكتوف اليدين وأن يراقب فقط. من المهم، وفي بعض الأحيان أكثر أهمية مما يدرك الناس، دعوة الطرفين إلى وقف إطلاق النار ووقف الأعمال العدائية فورا".

حتى وإنْ تعرضت العملية الانتقالية، التي تشكل جوهر تفويض يونيتامس، للخطر، فإن أوروبا كانت "داعمة للغاية" لهذه العملية، بحسب الدبلوماسي الأممي. ولكون أوروبا مانحا إنسانيا رئيسيا، "من المهم اطلاعها على مجريات الأمور لأن الاحتياجات في السودان هائلة".

استشراف السلام وإعادة الإعمار

وأوضح فولكر بيرتس في حديثه مع الصحفيين في بروكسل: "نحن بحاجة إلى زيادة المساعدات الإنسانية داخل البلاد وكذلك في البلدان المجاورة مثل تشاد ومصر وجنوب السودان وإثيوبيا"، مشيرا إلى أن اللاجئين من السودان يضعون عبئا إضافيا على البلدان المضيفة التي أظهرت سخاء في استضافتها للاجئين مثل تشاد التي "تكافح بالفعل من أجل تغطية نفقاتها".

ويرى الممثل الأممي أن أوروبا ستلعب بالتأكيد دورا في محادثات السلام وجهود إعادة الإعمار المستقبلية. "من المهم أيضا أن توضح الجهات الفاعلة الدولية أنه مع جميع الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في الأشهر الثلاثة الماضية، يجب أن تكون هناك مساءلة".

 

بعثة الأمم المتحدة لا تزال في السودان

تأسست يونيتامس في تموز/يونيو 2020 لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، ومنذ ذلك الحين تم تجديد تفويض البعثة كل عام. في نهاية نيسان/أبريل 2023، تم إجلاء الموظفين الدوليين للأمم المتحدة من السودان. وفي 2 تموز/يونيو، مدد مجلس الأمن تفويض البعثة لمدة ستة أشهر. فولكر بيرتس، الذي أعلنته السلطات السودانية "شخصا غير مرغوب فيه" في 8 تموز/يونيو، يعمل الآن من نيروبي، كينيا.

وقد أكد فولكر بيرتس خلال مؤتمره الصحفي أن "الأمين العام كان واضحا جدا في أن إعلان مسؤول الأممي شخصا غير مرغوب فيه ليس له أساس قانوني"، مؤكدا أن "يونيتامس لا تزال في السودان. نائبتي وبعض الموظفين الدوليين ووكالات الأمم المتحدة موجودون في بورتسودان، لا يزال موظفونا الوطنيون يعملون في السودان".

وتشارك البعثة في وضع تقارير حول حقوق الإنسان والأنشطة الدبلوماسية الإقليمية وترأس لجنة وقف إطلاق النار لدارفور. كما أنها تعمل مع المجتمع المدني "لتشجيع الأطراف السياسية والمدنية على بدء المحادثات".

 

**كُتِب هذا المقال باللغة الإنكليزية من قبل الزملاء في مركز الأمم المتحدة للإعلام في بروكسل. للاطلاع عليه باللغة الأصلية، يرجى النقر هنا.