إحاطة الممثل الخاص للأمين العام السيد فولكر بيرتس أمام لمجلس الأمن

23 مايو 2023

إحاطة الممثل الخاص للأمين العام السيد فولكر بيرتس أمام لمجلس الأمن

سيدتي الرئيسة،

أعضاء مجلس الأمن،

أكثر من خمسة أسابيع مضت على اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في السودان في 15 أبريل. على الرغم من الإعلانات المتكررة السابقة لوقف إطلاق النار من كلا الجانبين، لم يمرّ يوم بدون قتال ولم يتمكن أي من الجانبين من تحقيق انتصار عسكري.

يُعدّ اتفاق جدة خطوة مهمة قُدماً. إنّه يعطي الأمل للمدنيين ويظهر أنّه يمكن إنهاء العنف إذا امتثل الجانبان. سأعود إلى هذه النقطة في نهاية إحاطتي القصيرة.

لقد دفع المدنيون في السودان بالفعل ثمناً باهظاً لهذا العنف العبثيّ.

بحسب تقديرات نقابة الأطباء قُتل أكثر من 860 مدنياً بينهم أكثر من 190 طفلاً وجُرح 3500 مدني. وهناك كثيرون في عداد المفقودين. لقد نزح أكثر من مليون شخص. لجأ أكثر من 840 ألفاً إلى مناطق أكثر أماناً من البلاد بينما عبر 250 ألفاً أو ما يقارب ذلك الحدود السودانية.

 

إنّ هذه الأرقام لا تعكس القصص المروعة لآلاف الرجال والنساء الذين هجروا منازلهم بحثاً عن الأمان عبر الحدود. لقد انتظر الكثيرون أياماً وأسابيع عند المعابر الحدودية لتأمين العبور.

كما أنّ هذه الأرقام لا توضح معاناة الكثيرين غيرهم ممّن لم يتمكنوا من مغادرة منازلهم ولزموها مع نضوب في المؤن وعدم وصول المساعدات الإنسانية.

أنا ممتن للبلدان التي تستقبل اللاجئين والعائدين الفارين من السودان. من الضروري أن تبقى الحدود مفتوحة لمن يبحثون عن الأمان. يجب تسريع الإجراءات عند المعابر الحدودية. تواصل الأمم المتحدة توفير الدعم لتخفيف العبء على الدول المجاورة وضمان تلبية احتياجات اللاجئين بكرامة.

سيدتي الرئيسة،

في الخرطوم ودارفور وأماكن أخرى، خاض الطرفان المتحاربان حربهما من دون مراعاة كافية لقوانين الحرب وأعرافها. فقد تمّ تدمير المنازل والمتاجر ودور عبادة ومنشآت المياه والكهرباء أو إصابتها بأضرار.

إنّ قطاع الصحة ينهار مع إغلاق أكثر من ثلثي المستشفيات ومقتل الكثير من العاملين في مجال الرعاية الصحية ونفاد الإمدادات الطبية. إنّ التقارير المتكررة عن استخدام المرافق الصحية كمواقع عسكرية أمر غير مقبول.

لقد روعتني التقارير حول العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، بما في ذلك مزاعم الاغتصاب في الخرطوم ودارفور. إنّ الأمم المتحدة تعمل على المتابعة للتحقق من هذه الحالات. على الطرفين المتحاربين منع تكرار مثل هذا العنف.

يواجه الأطفال مخاوف جدية تتعلق بالحماية ولا يزالون عرضة للتجنيد والعنف الجنسي والاختطاف.

إنّ التقارير حول تفشي أعمال النهب والترهيب والمضايقة والاختفاء القسري تثير قلقاً كبيراً. كما تمّ نهب مباني ومساكن الأمم المتحدة، بما في ذلك مبنى يونيتامس، فضلاً عن نهب كميات كبيرة من المواد الغذائية والإمدادات الإنسانية.

ويتفاقم الإجرام مع إطلاق سراح آلاف السجناء وتزايد انتشار الأسلحة الصغيرة.

يساورني القلق أيضاً بشأن التهديدات بالقتل التي تم الإبلاغ عنها ضد النشطاء السياسيين والقادة السياسيين، وبشأن اعتقال المتطوعين السودانيين وترهيب الصحفيين.

أصحاب السعادة،

في أنحاء من البلاد، أدّى القتال بين الجيشين أو التشكيلتين المسلحتين إلى زيادة حدّة التوترات بين المجتمعات أو أشعل فتيل الصراع بين المجتمعات المحلية. في الجنينة بولاية غرب دارفور، تصاعدت حدّة الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لتصبح أعمال عنف عرقية في 24 أبريل. إنضمّت الميليشيات القبلية إلى القتال وحمل المدنيون السلاح للدفاع عن أنفسهم. تعرضت المنازل والأسواق والمستشفيات للنهب والحرق ونُهبت مباني الأمم المتحدة. في منتصف مايو، ورد أنّ تجدّد العنف أدى إلى المزيد من القتلى والدمار. وبحسب ما ورد قُتل أكثر من 280 شخصاً ونزح عشرات الآلاف إلى تشاد المجاورة. يعيق الوضع الأمني إيصال المساعدات الإنسانية. ما زلت أتواصل مع القادة الوطنيين والمحليين لتهدئة الوضع.

كما وردت أنباء عن بوادر مقلقة للتعبئة القبلية في أنحاء أخرى من البلاد ولا سيما في جنوب كردفان وكذلك منطقة النيل الأزرق.

أدّى القتال في جميع أنحاء البلاد إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي وقوّض حماية المدنيين. ينبغي التحقيق في هذه الانتهاكات وتقديم الجناة إلى العدالة. وتواصل أسرة الأمم المتحدة الرصد والدعوة إلى إنهاء جميع هذه الانتهاكات.

أعضاء المجلس،

لقد ألقى بعض المعلقين اللوم في ما يتعلّق بهذا الصراع على عاتق المجتمع الدولي لعدم رؤيته العلامات التحذيريّة. ويلقي آخرون اللوم على العملية السياسية أو الاتفاق الإطاري، الذي كان يهدف إلى تشكيل حكومة بقيادة مدنية. أو ألقوا اللوم على المجتمع الدولي لإعطائه دوراً كبيراً في العملية لمسلّحين.

لكن لنكن واضحين: تقع مسؤولية القتال على عاتق أولئك الذين يخوضونه يومياً: قيادة الطرفين اللذين اختارا تسوية نزاعهما الذي لم يتم حلّه في ساحة المعركة بدلاً من الجلوس إلى الطاولة. إنّ قرارهما هو الذي يدمّر بالسودان. وبإمكانهما إنهاء ذلك.

ما يحدث منذ 15 أبريل هو بالضبط ما حاولت الأمم المتحدة وشركاؤنا في المجتمع الدولي منعه. قبل وبعد 25 أكتوبر، الانقلاب العسكري في العام 2021، انخرطنا بجدية مع القائدين العسكريين والقادة المدنيين لإقناعهم بالتحاور والعودة إلى انتقال هادف إلى الحكم المدني من خلال عملية سياسية.

مع تصاعد التوترات وسط تقارير عن حشد القوات، دققت ناقوس الخطر في إحاطتي أمام هذا المجلس هنا في مارس وناشدت الطرفين وقف التصعيد.

في الأسبوعين السابقين لاندلاع القتال، قمت، جنباً إلى جنب مع شركائي في الآلية الثلاثية والمجموعة الرباعية، بتكثيف تواصلنا مع القائدين العسكريين لتهدئة الموقف. ونسّقنا هذه الجهود مع المدنيين السودانيين الذين حاولوا أيضاً التوسط بين الجنرالين، إدراكاً لخطورة الموقف. وطلبنا من الجهات الفاعلة الإقليمية استخدام نفوذها لدى الطرفين.

استمرت جهودنا حتى الليلة التي سبقت 15 أبريل، عندما اعتقدنا أنّه تمّ إحراز تقدم. لنستيقظ في صباح اليوم التالي على حقيقة أنّ الطرفين اختارا الحرب.

سيدتي الرئيسة،

لسوء الحظ، أجبرتنا الأعمال العدائية على نقل الكثير من موظفينا مؤقتاً إلى بورتسودان وخارج السودان. دعوني أكون واضحاً جداً هنا: هذا لا يعني أنّنا تخلينا عن الشعب السوداني أو السودان. إنّنا نواصل العمل مع شركائنا السودانيين.

نظلّ ملتزمين التزاماً راسخاً بأربع أولويات عاجلة: (1) تحقيق وقف إطلاق نار ثابت بآلية رصد؛ (2) منع تصعيد الصراع أو إضفاء الطابع العرقي عليه؛ (3) حماية المدنيين وتقديم الإغاثة الإنسانية؛ و(4) التحضير، عندما يحين الوقت، لعملية سياسية جديدة بمشاركة مجموعة واسعة من الفاعلين المدنيين والسياسيين، بما في ذلك النساء.

من خلال مركزنا في بورتسودان، دعمت يونيتامس جهود فريقنا القطري والشركاء الإنسانيين لإعادة تدفق الإمدادات الإنسانية إلى البلاد وداخلها. تبذل أسرة الأمم المتحدة قصارى جهدها لتوسيع استجابتنا في جميع أنحاء البلد، ولا سيما في المناطق حيث تمسّ الحاجة إليها. لكن من الضروري أيضاً ألاّ يتم استخدام شرق البلاد - أي ولاية البحر الأحمر حيث توجد بورتسودان وكسلا والقضارف - كمدخل للمساعدات الإنسانية فحسب، بل يجب أن يحصل على نصيب عادل منها. ولا سيّما في ما يتعلق بالحركة المتزايدة للنازحين إلى هذه المنطقة.

ثمّة حاجة ماسة إلى تمويل إضافي. تمّ إطلاق خطة الاستجابة الإنسانية المنقحة في 17 مايو لطلب 2.6 مليار دولار للوصول إلى 18 مليون شخص محتاج، وهذا يفوق الـ15 مليون التي كانت مطلوبة قبل بدء القتال.

سيدتي الرئيسة، أصحاب السعادة،

بفضل الوساطة السعودية والأمريكية، وقّع ممثلا القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إعلان الالتزام في جدة في 11 مايو واتفاق وقف إطلاق النار القصير الأمد والترتيبات الإنسانية في 20 مايو. من المفترض أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ الليلة وسيظل ساري المفعول لمدة 7 أيام قابلة للتجديد ويجب أن يسمح للمدنيين بالتحرك وللوصول الإنساني ببلوغ الناس. هذا تطور مرحب به، على الرغم من استمرار القتال وتحركات القوات حتى اليوم علماً بأنّ الجانبين التزما بعدم السعي لتحقيق ميزة عسكرية قبل سريان وقف إطلاق النار. فهمنا أنّه سيتمّ إنشاء آلية رصد أساسية بين الطرفين والوسطاء. إنّ يونيتامس على استعداد لدعم آلية الرصد على المدى الطويل أو لوقف دائم لإطلاق النار. يمكننا تعزيز الموظفين والهيكل الذي تم إنشاؤه في لجنة الوقف الدائم لإطلاق النار في دارفور التي تترأسها يونيتامس منذ منتصف العام 2021.

لا زلت أحث الطرفين على احترام هذا الاتفاق الذي وقعاه قبل يومين. يجب أن يوقفا القتال ويجب أن يسمحا بوصول الإغاثة الإنسانية وأن يحميا العاملين في المجال الإنساني والأصول وأن يسمحا بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق القتال.

سأواصل أيضأ الانخراط مع قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية مع الضغط من أجل إنهاء هذه الحرب.

إنّنا ننسق بشكل وثيق مع شركاء سودانيين يعملون من أجل السلام. دعوني أيضاً أثني على قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام على جهودهم لاستعادة السلام وعلى حيادهم في هذا الصراع.

يلعب المجتمع المدني السوداني دوراً قوياً في مناصرة السلام في حيت يستمرّ بدعم المدنيين المحتاجين. يجب دعم جهودهم.

 دعاني كلّ من الطرفين إلى إدانة تصرفات الطرف الآخر. وأنا أدعو الطرفين إلى إنهاء الاقتتال والعودة إلى الحوار لما فيه مصلحة السودان وشعبه.

تمّ تدمير الأرواح والبنية التحتية. إنّ إضفاء الطابع العرقي المتزايد على النزاع يهدّد بتوسيعه وإطالة أمده، مع ما يترتب على ذلك من تداعيات على المنطقة.

إنّ وقف إطلاق النار قصير الأمد المتفق عليه يمكن وينبغي أن يمهّد الطريق لمحادثات من أجل وقف دائم للأعمال العدائية.

ومع تقدم المحادثات، يجب أن تلعب مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة المدنيين والسياسيين دورها. في نهاية المطاف، لا يمكن إلا لعملية انتقال ذات مصداقية بقيادة مدنية أن ترسم سلاماً دائماً في السودان.

وأنوّه بتعيين مالك عقار، وهو من الموقعين على اتفاق جوبا للسلام ورئيس كتلة السلام المشكلة حديثاً، نائباً لرئيس مجلس السيادة الانتقالي. أوضح عقار أنّ أولويته الشاملة هي التوصّل إلى وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الحرب وإسكات المدافع. هذا بالتأكيد يستحق دعمنا ودعمكم الكامل.

إنّ الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء القتال في السودان جديرة بالثناء. ومع تضاعف هذه الجهود، علينا ضمان التنسيق لصياغة نهج مشترك. سيعزز ذلك نفوذنا الجماعي وفعالية جهودنا. يجب أن تشمل أي خطة منسقة جيران السودان والمنطقة. يسرّني أنّ زميليّ المفوض بانكول والسكرتير التنفيذي الدكتور ورقنه سيلقيان كلمة وسيكونان قادرين على الخوض في مزيد من التفاصيل في ما يتعلق بجهود شركاء الآلية الثلاثية، الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد).

وستواصل الأمم المتحدة العمل بشكل وثيق مع شركائنا في هذه الآلية الثلاثية، الاتحاد الأفريقي وإيقاد، لدعم هذه الجهود وبالتنسيق مع الآخرين.

شكراً.